ولو أن النساء كمن رأيتُ
أُمُّ الشهيد .. أُمُّ البطل .. أُمُّ الأسير .. أُمُّ المعاق بسبب إصابة من العدو .. أُمُّ ليست كالأمهات.. أُُمُّ مؤمنة، صابرة، قانتة، محتسبة، لها من البر ما للأمهات .. لها من الشعور والحنان، والعطف والشفافية ما للأمهات .. لكنها ملكت بين جنباتها قلباً لا كبقية قلوب الأمهات .. قلباً جسوراً قد مليء تضحيةً واحتساباً .. إنها نموذج مشرق للمرأة المسلمة الأبية .. كالشمس تشرق بالعطاء .. وأيُّ عطاء أكبر من التضحية بفلذة الكبد ومهجة الفؤاد ابتغاء مرضاة الله .. تربي أبناءها على حب الله ورسوله، وعلى حب الوطن والتضحية في سبيله .. تعلمهم أن الهدف أسمى .. وأن درب الوصول إليه شاق طويل .. لكنه الغاية والمراد .. جنة عرضها السموات والأرض ..
أَما زوجة الشهيد .. زوجة البطل .. زوجة الأسير .. زوجة المعاق بسبب إصابة من العدو .. امرأة ولا كل النساء .. طريقها طويلة شاقة .. على درب الصبر والخير .. حياتها قصة حافلة بالنضال .. زادتها كبرياء وشموخاً .. لها من المشاعر ما للزوجات .. لكنها ملكت بين جنباتها قلباً لا كبقية قلوب الزوجات، قلباً معطاءً .. ونفساً أبية .. لم تضع نفسها عائقاً أمام زوجها الذي عقد العزم على بذل نفسه دفاعاً عن دينه ووطنه، بل ساندته ودعمته حتى نال مراده .. وقد جمع بين كل الفرقاء هدف واحد هو :
ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعه *** وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
وأجمعوا على أن وسيلة تحقيق ذلك تتمثل فيما قاله شهيد آخر :
سأحمل روحي على راحتي *** وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق *** وإما ممات يغيظ العدا
ونفس الشريف لها غايتان *** ورود المنايا ونيل المنى
ماذا لو جمعت امرأة المجد من أطرافه .. أماً لبطل ... زوجةً لأسير ... ثم زوجةً لشهيد !!! ..
تلك هي المرأة التي تشرفتُ برؤيتها . ...